بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أمّا بعد:
فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام وهو فرض، لقوله عزّ وجل: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم" [البقرة: 216]، وقوله أيضاً: " انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" [التوبة: 41].
والجهاد في الإسلام فرض كفاية، إذا قام به نفر من المسلمين سقط عن الآخرين، وسقط عنهم الإثم جميعًا، وانظر إذا شئت إلى الآية القائلة: "فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى..." [النساء: 95]. وقوله تعالى: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة..." [التوبة: 122].
وقد يتحول الجهاد من قرض كفاية إلى فرض عين على كل مسلم في إحدى حالتين:
هجوم الأعداء على بقعة معينة من بلاد المسلمين، فيجب في هذه الحالة على أهل تلك البقعة الجهاد وفع الأذى وإزالته. إذا أعلن الحاكم النفير العام، فعندها يلزم الجميع النفير معه، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثَّاقلتم إلى الأرض..." [التوبة: 38]. وقول الرسول المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله: "... وإذا استنفرتم فانفروا" متفق عليه. أما شروط الجهاد فهي كالآتي:
الإسلام: فلا يصح جهاد الكافر أو المشرك، بل يشترط للجهاد أن يكون الشخص مسلمًا يشهد الشهادتين، فعندما خرج الرسول (صلى الله عليه وسلم) لملاقاة المشركين عند بدر فتبعه رجل من المشركين، فقال له: "تؤمن بالله ورسوله؟" قال: لا. قال: "فارجع فلن أستعين بمشرك" رواه مسلم. العقل: فلا يعقل أن يخرج المجنون للجهاد، ومقاتلة الكفار أو المشركين؛ فهو غير مكلف في الشرع أصلًا، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل" رواه أبو داود والحاكم. البلوغ: يشترط للجهاد أن الشخص قد بلغ سن البلوغ، فلا يفترض الجهاد على الصغير أو الصبي الذي لم يبلغ سن البلوغ بعد، قال عبد الله بن عمر: عرضت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يُجزني في المُقاتلة" متفق عليه. الذكورة: الجهاد فرض على الرجال دون النساء وكذلك لا يجب الجهاد على الخنثى، لذلك لا يفترض جهاد النساء، عائشة: يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ فقال: "جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة" رواه ابن ماجه. القدرة على مؤنة الجهاد: أن يكون قادرة على شراء عدة القتال، وتجهيز نفسه بالأسلحة والمعدات اللازمة للمعركة، دون ظلم العيال بهذه النفقة، قال الله تعالى في محكم التنزيل: "ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج..." [التوبة: 91]. السلامة من العجز: فلا يجب الجهاد على المريض أو الأعمى، أو على من يعاني من مشكلة أو علة أو عيب خلقي في جسده يمنعه من القتال، قال تعالى: "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج" [الفتح: 17]. من توفرت فيه الشروط السابقة الذكر فإنه يفترض على فريضة الجهاد، وعليه أن يخرج مع الجيش، وأن يساعد في رد الأعداء ومنعهم من استباحة الأرض.